من قصة وجع والده من أجل 5000 ليرة في المرفأ إلى النجاح: عباس علي مشيك “بيّك المظلوم فخور فيك”!

هي الأرقام التي قد تكون نذير شؤم أحياناً كما كانت في انفجار مرفأ بيروت يوم بدأنا نحصي عدد الجرحى والقتلى بسبب الغدر والإهمال. وقد تكون فاتحة خير كما هي اليوم مع الناجحين في الامتحانات الرسمية. العنبر رقم 4 بقي الرقم الأصعب على لبنان، وقصص ضحاياه ستبقى تتصدر ذاكرتنا بقساوتها وظلمها وحرقتها.

هناك في المرفأ، كانت الأرقام متفاوتة بين أجير وعامل ومسؤول، وبين أسوار القمح والاهراءات وُجد علي مشيك ووجعه الذي حمله من أجل 5000 ليرة إضافية مقابل ساعة عمل. علي صاحب الوجع الأكبر الذي قضى غدراً كما رفاقه وكل ضحايا انفجار بيروت بقي هناك ولم يعد إلى عائلته كما كان مفروضاً، بقي من أجل أن يؤمن لعائلته “بعض الفراطات” التي تضمن دراسة وإطعام أولاده وزوجته.
 
صورة علي مشيك الصغيرة التي بقيت محفورة في أذهاننا تفضح عجز هذه الدولة، تفضح وقاحتها وعنترياتها في طمس الحقيقة. لكن لا عليك يا علي، لأنك “عرفت تربّي”، واليوم ابنك عباس يحمل الشعلة التي عملت جاهداً حتى لا تحرمه هو وأخواته من استكمال دراستهم. لقد فعلها عباس يا علي، لقد رفع رأسك ورأس كل اللبنانيين بنجاحه، ليس لأنه نجح فقط لا بل لأنه أظهر للجميع أنه لن يتخلى عن وعده لك “سوف أحقق حلم والدي وأصبح طبيباً”.

عباس الذي قال لمن قتلوا والده علي “الله لا يسامحهم لأنهم يتّموني وبعّدوا بيّي عني”، يقف اليوم حاملاً شهادته ليقول لهم لن تنالوا مني ومن حلم والدي. لن يسمح لهم بذلك، لأنه يعرف جيداً كيف سهر والده وتعب لساعات طويلة من أجل أن يؤمن لهم حياة أفضل من حياته، لأنه يعرف أن الـ5000 ليرة التي كانت سبباً في وفاة والده ستكون حافزه للانتقام بالحياة وبالنجاح والنصر على الظلم.

(النهار)