الشرق الأوسط: «المركزي» اللبناني «يشتري» الوقت بانتظار انتهاء شلل المؤسسات.. محاولة لإنقاذ قيمة العملة الوطنية بعرض شراء الدولار بـ38

كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول:

استعادت السلطة النقدية تجربة شراء الوقت عبر التدخل القوي في عمليات القطع وسعر صرف الليرة، وتوخيا لحفظ الاستقرار الداخلي الهش في مرحلة «الانتظار» الثقيل لإنضاج توافق داخلي على إدارة الاستحقاقات العالقة، وفي مقدمتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية كمرتكز لإعادة انتظام السلطات الدستورية، ولا سيما تأليف حكومة مكتملة الصلاحيات تعيد الاعتبار لأولويات الملفات الاقتصادية والمعيشية الشائكة.

فمع بلوغ الدولار واقعيا عتبة 50 ألف ليرة وسط شائعات محمومة عن تفلت نقدي خارج أي سقوف سيفضي إلى انهيارات أكثر كارثية تشهدها قيمة العملة الوطنية، فاجأ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مجددا الأسواق الموازية للمبادلات بقرار رفع سعر التداول على منصة «صيرفة»، وعرض شراء السيولة بالليرة – حتى إشعار آخر – لقاء بيع الدولار النقدي (بنكنوت) بسعر 38 ألف ليرة، مع التنويه بأنه يمكن للأفراد والمؤسسات، ودون حدود رقمية، أن يتقدموا من جميع المصارف لتمرير هذه العمليات.

 

ووفق معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، فإن مرجعا حكوميا صارح اقتصاديين التقاهم أخيرا بصعوبات التحكم بتطورات المشهد النقدي عبر معالجات ذات طابع تقني بحت.

 

مبينا أن البنك المركزي يحوز من خلال احتياطيه من العملات الصعبة الذي يتعدى 10 مليارات دولار حاليا، قوة التدخل لمنع التدهور الحاد في سعر العملة الوطنية وسحب كميات وازنة من السيولة المتداولة التي تخطت مستوى 75 تريليون ليرة، إنما ينبغي التنبّه إلى التوازن الشرطي مع الأهمية الفائقة للحفاظ على مستوى ملائم للاحتياطات عبر اعتماد آليات للتدخل تضمن عدم «تهريب» الدولارات في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة.

ووفق تقديرات مسؤول مالي لـ«الشرق الأوسط»، فإن زيادة تمركز عمليات المبادلات النقدية من خلال منصة «صيرفة» التي يديرها البنك المركزي، يمكن أن تمنح السلطات والأطراف السياسية وقتا ثمينا، إنما هو محدود بأمد مرتبط بالكميات المتاحة للضخ النقدي بالدولار.

 

وهذا يقتضي تسريع التحركات داخليا وخارجيا للعمل على إنجاز الاستحقاقات الأساسية وفتح مسارات تصويب الأوضاع الداخلية كافة، توطئة لإعادة تعويم خطة التعافي وإقرار مشاريع القوانين الآيلة إلى عقد الاتفاقية النهائية مع الإدارة المركزية لصندوق النقد الدولي، وانسياب التمويل الخارجي من قبل الصندوق والدول والمؤسسات المانحة.

 

وبرز في القرار الذي تم تعميمه، أن سلامة فسر الارتفاعات المتتالية للدولار في السوق الموازية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة بأنها بسبب عمليات مضاربة وتهريب الدولار خارج الحدود. ليؤكد بالتالي أن هذا الارتفاع تسبّب بتضخم إضافي في الأسواق، مما أضر بالمواطن كون الأسعار في لبنان ترتبط بسعر صرف الدولار. علما أن الأسواق تلقفت أيضا محفزات إضافية للمضاربات ناشئة عن دفق استثنائي للسيولة؛ ربطا بسريان إضافة راتبين على الراتب الأساسي لجميع العاملين في القطاع العام وصرف المفعول الرجعي القانوني خلال الشهر الحالي.